بر الوالدين أثناء حياتهم وبعد مماتهم
بر الوالدين من أهم الواجبات والفرائض، وقد أمر الله بذلك في كتابه الكريم في آيت كثيرات منها قوله -سبحانه-: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا[النساء: 36]، ومنها قوله -عز وجل- في سورة سبحان: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا[الإسراء: 23-24]، ومنها قوله -سبحانه- في سورة لقمان: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ[لقمان: 14]، فبرهما من أهم الفرائض حيين وميتين، فبرهما في الحياة الإحسان إليهما، والإنفاق عليهما إذا كانا محتاجين، والسمع والطاعة لهما في المعروف، وخفض الجناح لهما وعدم، رفع الصوت عليهما، والدفاع عنهما في كل شيء يضرهما، إلى غير هذا من وجوه الخير، والخلاصة أو الولد يكون حريصاً على جلب الخير إليهما ودفع الشر عنهما، في الحياة والموت؛ لأنهما قد أحسنا إليه إحساناً عظيماً في حال الصغر، وربياه وأكرماه وتعبا عليه، فالواجب عليه أن يقابل المعروف بالمعروف، والإحسان بالإحسان، والأم حقها أعظم كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لما سئل: (قيل: يا رسول الله: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم من؟ قال: أبوك)، وفي اللفظ الآخر (قالوا: يا رسول الله: (من أحق الناس بالبر -وفي لفظ قال: من أبر يا رسول الله؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أباك، ثم الأقرب فالأقرب) فبين -عليه الصلاة والسلام- أن أحق الناس بالبر والإحسان أمك ثلاث مرات، ثم أبوك في الرابعة، وهذا يوجب للولد العناية بالوالدة أكثر والإحسان إليها أكمل، ثم الأب يليها بعد ذلك، فبرهما والإحسان إليهما جميعاً أمرٌ مفترض، وحق الوالدة على الولد الذكر والأنثى أعظم وأكبر، وسئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن حق الوالدين بعد وفاتهما فقال له سائل: (يا رسول الله هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد وفاتهما؟ قال: نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما)، هذه خمسة أشياء الصلاة عليهما الدعاء، ومن ذلك صلاة الجنازة لأنها دعاء الصلاة، عليهما بالدعاء، والترحم عليهما من أحق الحق، ومن أفضل البر في الحياة والموت، وهكذا الاستغفار لهما، يعني سؤال الله أن يغفر لهما سيئاتهما، وهذا من أعظم برهما حيين أو ميتين، وإنفاذ عهدهما من بعدهما: الوصية التي يوصيان بها، فالواجب على الولد ذكراً كان أو أنثى إنفاذها، إذا كانت موافقة للشرع المطهر، والخصلة الرابعة: إكرام صديقهما، إن كان لأبيك أو أمك أصدقاء وأحباب وأقارب تحسن إليهم، وتقدر لهم صحبة والديك، وصداقة والديك، ولا تنسى ذلك بالكلام الطيب، والإحسان إذا كانا في حاجة إلى الإحسان، وجميع أنواع الخير الذي تستطيعه، فهذا من برهما بعد وفاتهما، والخصلة الخامسة: صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وذلك بالإحسان إلى أعمامك، وأقارب أبيك، وإلى أخوالك وخالاتك من أقارب أمك، هذا من الإحسان إلى الوالدين، وبر الوالدين أن تحسن إلى أقاربك والديك الأعمام العمات أولادهم الأخوال والخالات وأولادهم، الإحسان إليهم وصلتهم، كل ذلك من صلة الأبوين، ومن إكرام الأبوين. جزاكم الله خيراً