شباب وشبات المنتدى ادعوكم لرحله الى القدس يوم السبت القادم ان شالله
3 مشترك
رحله الى القدس
اميرة الورد- مشرفة مميزة
- مزاجي لهذا اليوم :
الجنسية :
ااوسمتي :
5
الابراج :
عدد المساهمات : 2652
نقاط التميز : 3655
تاريخ التسجيل : 26/09/2013
- مساهمة رقم 1
رحله الى القدس
♥الملك♥۩♥جولد♥- ۩ ۩
- مزاجي لهذا اليوم :
الجنسية :
ااوسمتي :
1
الابراج :
عدد المساهمات : 3140
نقاط التميز : 4611
تاريخ التسجيل : 17/09/2013
- مساهمة رقم 2
رد: رحله الى القدس
حلووووووووووووووووووووووووووووووووووو اميرتنااا
اناا حكون في الطابور الرابع في الرحله ايه رايك
عشان نقلل المصاريف يعني انتي عارفه رحله متل رحله القدس عاوزة مصاريف كتيره
اميرة الورد- مشرفة مميزة
- مزاجي لهذا اليوم :
الجنسية :
ااوسمتي :
5
الابراج :
عدد المساهمات : 2652
نقاط التميز : 3655
تاريخ التسجيل : 26/09/2013
- مساهمة رقم 3
رد: رحله الى القدس
هههههههههههههههههه
لا تقلق لناااااااااا اصدقاء هناك راح يستقبلونا احلا استقبال
لا تقلق لناااااااااا اصدقاء هناك راح يستقبلونا احلا استقبال
اميرة الورد- مشرفة مميزة
- مزاجي لهذا اليوم :
الجنسية :
ااوسمتي :
5
الابراج :
عدد المساهمات : 2652
نقاط التميز : 3655
تاريخ التسجيل : 26/09/2013
- مساهمة رقم 4
رد: رحله الى القدس
اسفه اصدقاقائى لعدم قيامى بالرحله لوجود مشاكل بالنت تبعى وارجو ان يقوم بها احد الاصدقاء بدل منى ووالله يوفقكم
♥الملك♥۩♥جولد♥- ۩ ۩
- مزاجي لهذا اليوم :
الجنسية :
ااوسمتي :
1
الابراج :
عدد المساهمات : 3140
نقاط التميز : 4611
تاريخ التسجيل : 17/09/2013
- مساهمة رقم 5
رد: رحله الى القدس
اميرة الورد- مشرفة مميزة
- مزاجي لهذا اليوم :
الجنسية :
ااوسمتي :
5
الابراج :
عدد المساهمات : 2652
نقاط التميز : 3655
تاريخ التسجيل : 26/09/2013
- مساهمة رقم 6
رد: رحله الى القدس
يخليك لياااااااااااااا يا غالى
لؤلؤة- مشرفة مميزة
- مزاجي لهذا اليوم :
الجنسية :
ااوسمتي :
25
الابراج :
عدد المساهمات : 4495
نقاط التميز : 5409
تاريخ التسجيل : 09/11/2013
- مساهمة رقم 7
رد: رحله الى القدس
وصف بيت المقدس والمسجد الأقصى خلال الفتح الإسلاميّ[عدل]
عند توصيف حالة مجتمع تاريخي قائم على مكان معين يجب أن نعطي وصفا لهذا المكان ، ثم نسرد الظروف التاريخيه والزمانيه لهذا المكان حتى نتمكن من وصف أدراك التفاعل بين الأنسان والمكان في ذلك الزمان وهو ما صوره القرأن " باركنا حوله " ودائرة التحديد هنا صعبة التحديد ووضع علامات فارقه على دروبها وحدودها ولكننا سنصف المكان من حيث المحيط وحوليته الممتده المباركة
– بحسب اصطلاح الفقهاء- حيث البقعة الجغرافية الضيقة التي نشأت حول المسجد الأقصى الذي هو مركز البركة والقدسية.
وفي إطار الزمانية فإن الزمان الذي بدأه النبي - صلى الله عليه وسلم - في رحلة الإسراء والعروج من ذاك الموضع إلى السماوات العلى وصولاً إلى الحضرة الإلهية هو ابتداء زمان المكان المراد بهذه الدراسة، وهي الرحلة التي سمّت المكان ووصفته في سرعةٍ وإجمالٍ؛ ولكنها أعطته الولاية الشرعية والتصويب المعرفيّ الإسلامي ، ثم تنقطع معرفتنا بالمكان لسنوات حتى يتحقق الفتح العمري لبيت المقدس ، ويتم إنجاز ما يتلو الولايةَ الشرعية، وهي الولايةُ السياسية والعسكرية على المكان، أو ما يسمى اليوم بالسيادة . وبإنجاز الولاية الشرعية والسياسية تكتمل عناصر السيادة على المكان، ويبتدئ تشكيل قيمة المكان عملياً عبر المنتَج السياسيّ والاقتصاديّ والمعرفيّ، أي بالشروع في خلط المكوّنات الجديدة وإنتاج تفاعلاتها، وتحضير مكوّنات التفاعل لإنشاء المدى الحضاري الجديد.
أي أنّ هذا المكان قد استغنى عن هويّته التي تحمل ختم السيادة الرومانية والثقافة البيزنطية المسيحية - حتى إن اختلطت بثقافات المنطقة العربية - ، إذ إن هذه الثقافات رغم لسانها العربيّ إلا أنّها منتمية للسيادة الرومانيّة والمعتقدِ الرومانيّ الدينيّ، وقد تكُونُ عنصرَ تلوينٍ ثقافيّ أكثر بكثير من كونها عنصرَ تأثيرٍ حضاريٍّ، رغم أننا لا ننفي بعض مفاعيل التأثير الحضاريّ لها.(1)
ولا يمكننا أن نتجاهل عظم تأثير المكان الذي شهد ميلاد المسيحيّة عليها، كما لا يمكن تجاهل عظم تأثير المعتنِقين لهذه الديانة على هوية المكان وتفاعلهم العميق معه لإنتاج ثقافة مكانية ستكون مركز التأثير الثقافي في ذهنية الجمهور المعتقد بقداسة المكان وعقلهم الجماعي.
وبإنجاز الفتح العربي الإسلامي تعرض المكان إلى اهتزاز عنيف هدم فيه - بسرعة غير متوقعة – الهويّةَ السابقة، والتي انحسرت هويتها الدينية والثقافية إثر الهزيمة السياسية والعسكرية للسيادة الرومانية، وانسحبت هذه الهويةُ مهزومةً أمام ثقافة عربية إسلامية عملاقة متحمّسة وغنية، مدعومة بقوة سياسية وعسكرية ناجحة.
ورغم أن المعطيات التي لدينا عن هذا التحول شحيحة إلا أن قراءة المكان سياسياً عقب هذا الفتح توضح بجلاء استفراد الهوية الإسلامية الجديدة بثقافة هذا المكان وتمكّنها فيه والتفافها حوله وإحاطتها بتكوين ثقافي غنيّ وممتلئ أعطى المكان قداسته اللائقة به من منظور توحيديّ إيمانيّ فطريّ، ومنظور فقهيّ معرفيّ، ومنظور تاريخي يقرّب البيت الحرام في مكة إلى البيت المقدس في إيلياء، ويرسم له خطاً شديد الصلة بمعاهد الإيمان الأولى في مدارس الأنبياء المؤسسين ، دون أن يمسّ ذلك بالثقافة المسيحية ومقدّساتها سوى في إعطائها الاستقلالية عن التأثير السياسي القويّ للسلطة البيزنطية، ومنحها الفرصة للتكيّف مع الواقع العربيّ الإسلامي الجديد في المدينة .(2)
تصوير المكان[عدل]
وفي تصويرنا للمكان نعتمد على المنقول من القرأن والسنه والنصوص التاريخية التي تعكس الهوية الجديده مع المكان وبعض المرويات التاريخية وأيضا من خرائط المكان المدفون في الكتب القديمه في معظم الفنون المدون.
وأيضا رحله قديمه لحاج مسيحي من بلاد الغال الفرنسية سرد بعض التفاصيل عن المكان (3)
أشير في التصور الأسلامي في رحلة الإسراء والمعراج حين كرم الله هذا المكان الذي فتح أبواب السماء لرسول الإسلام بأن جعل الله قبلة المسلمين الأولى للصلاة هي بيت المقدس للمؤمنين الأوائل في توجيهم للصلاه ثم حول الله تعالى قبلته إلى البيت الأول في مكه المكرمة
وهناك يتعرّف النبي - صلى الله عليه وسلم – من نبيّ خبير ذي عزم على تجربة عملية في التعاطي مع بني إسرائيل، الذين صوّرهم القرآن بأنهم من أكثر الناس تكلفاً واعتسافاً، إذ حكت لنا مرويات السنة الصحيحة كيف كان موسى يخبر محمداً عن معالجاته الشديدة لقومه الإسرائيليين، وأن طريقته معهم كانت تنحو نحو ترغيبهم بتخفيف التكاليف الشرعية مع كثرة الهدايا والجوائز في مقابل الفعل القليل.
وهناك تنطبع القداسة بمفهومها الإسلاميّ وشكلها الدينيّ الجديد على المكان، وهي قداسة مرتبطة بالنص الشرعيّ، وبالفعل المباشر من رسول الإسلام نفسه الذي صلى ببيت لحم – كما سننقل لاحقاً - ، ثم يصلي في بيت المقدس ، و يجتمع بالأنبياء، ويشرع في وصف ألوانهم وأطوالهم وهيئاتهم، لكنه يحكي عنهم جميعاً أنه شاهدهم وهم يصلون في هذا المكان الذي حشد قداسة السماء ورسل الله الكبار.
وهناك يعطي النبي - صلى الله عليه وسلم - إشارته السياسية الأولى إلى أن الإسلام سيصل إلى هذا المكان الواقع تحت سيادة الرومان النصارى : ( رأيتُ ليلةَ أسري بي عموداً أبيضَ كأنه لؤلؤ تحمله الملائكة ، قلت : ما تحملون ؟ قالوا : نحمل عمود الإسلام ، أُمِرْنا أن نضعه بالشام) . (4)
المسجد الأقصى ومعجزة تجليته لمواجهة التحدّي المكانيّ[عدل]
وفي منحى ثالث وعندما عاد النبي إلى مكة بعد رحلته السماوية تلك، ندرك صعوبة التحدّي المكانيّ الذي نازل به كفارُ قريش روايةَ نبيّ الإسلام حول رحلته الخاطفة إلى المسجد الأقصى ، إذ إنّ النبيّ كان في رحلة إيمانيّة عميقة شغلته – في رأيي - عن صورة المكان، كما أنّ رحلتي الذهاب والإياب كانتا في الليل فلم تتبين صورة المكان كما لو كانت الحال في النهار تحت الشمس، وما معرفتُه الدقيقة بصورة الأنبياء إلا انعكاساً لاشتغال قلبه بالمعرفة الغيبيّة العظيمة في رحلة المعجزات الخارقة، ومع ذلك فإنه وَصَفَ لهم قدراً معقولاً مما يملأ العين من الأمور الظاهرة في صفة المكان:
وقد تحدث النبيّ – صلى الله عليه وسلم بوضوح عن أنه لم يشغل باله بعدّ أبواب المسجد الأقصى الذي أتاه ليلاً ، ومن أجل ذلك وصله العرفان الإلهي بتشخيص المسجد الأقصى أمامه :
(... وقمتُ في الحِجْر فجلَّى الله لي بيت المقدس ، فطفقت أخبرهم عن آياته، وأنا أنظر إليه، فقال بعضهم: كم للمسجد من بابٍ ؟ - ولم أكن عَدَدْتُ أبوابَه - فجعلت أنظر إليها، وأعدّها باباً باباً ) .
لكن المشركين الذين أغضبتهم قدرة النبي على تذكر المشاهد الكبيرة في صورة المكان اتجهوا صوب ما ظنوه توريطاً في التفاصيل الصغيرة التي لا تسترعي انتباه العابر السريع أو المنشغل بما هو أهمّ، أو المهموم بما هو أشغلُ ، واستجمع كفارُ قريش أنفسَهم لِمَا رأوه من صعوبة تصديق الناس لهذه الرواية العجيبة، حتى لو أن النبيّ – صلى الله عليه وسلم – لم يعجز عن الإجابة، لذلك ارتدّ بعض الذين لم يثبت الإيمان في قلوبهم ممن كان قد أسلم من قبل، ولم يصبر معه سوى نفر قليل كان منهم الصّدّيق أبو بكر، ولم تكن هذه الفرصة ليفوّتها كفارُ قريش، فكان التحدّي الكبير منهم هو المطالبة بوصف المكان ليتحققوا من صحة روايته إذ كان بعضهم ممن رأى الموضع، وعلم صورته، فقال كفار قريش: (وتستطيع أن تنعت لنا المسجد ؟ - وفي القوم من قد سافر إلى ذلك البلد، ورأى المسجدَ - قال رسول الله : فلما كذبتني قريش قمتُ في الحِجْر - وقريشٌ تسألني عن مسراي - فذهبت أنعت، فما زلت أنعت حتى سألتني عن أشياءَ من بيت المقدس لم أثبتها، فكربت كربة ما كربت مثله قط ) .
فكان الدعمُ الإلهيّ بأنْ رفع اللهُ لنبيه صورةَ المكان ليصف النبيُّ بدقةٍ متناهية تفاصيلَ الصورة ومشهد المكان: ( قال : فأثنيت على ربّي، وسألته أن يمثِّلَ لي بيت المقدس، فجلى الله لي بيت المقدس ، فرفعه الله لي أنظر إليه، حتى وضع دون دار عقيل، ما يسألوني عن شيءٍ إلا أنبأتُهم به ، فطفقت أخبرُهم عن آياتِه، وأنا أنظر إليه، فقال القوم : أمّا النعت فواللهِ لقد أصاب ) .
ونقلُ صورةِ المسجد الأقصى قد تكون نقلَ رؤيةٍ، أو أن الله قد خلق الإدراك للرسول حتى صار في التبيين له كأنه قريب منه كقرب هذه الدار، والكل جائز .
وكم أسفتُ عندما لم ينقل لنا الصحابة الكرام ما ذكره النبي الكريم عن صفة هذا المسجد الأقصى وهيئته -، رغم أنهم ذكروا كثيراً من الملاحظات النفسية التي حكاها رسولُ الله لهم كالاعتزال والحزن والكرب، وذلك يعود إلى أنّ هذه المناظرة في أكثر من موقفٍ كانت بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وحده في الغالب، وبين كبارات رجال قريش، لذلك حكى هذه المواقفَ ورواه لأصحابه رسولُ الله نفسه ، فهو من روى لهم هذه القصة بعد حينٍ، وكررها عليهم؛ وإن كان أكثر ما يشغل النبي – صلى الله عليه وسلم – هو الوقوف على موضع العبرة والعظة والمعرفة - وشاهِدُ ذلك الرأي هو ما استفدناه من تحليل هذه الرواية :
(وقعد رسول الله معتزلاً حزيناً ، فمر به عدوُّ الله أبو جهل ، فجاء، حتى جلس إليه، فقال له كالمستهزىء : هل كان من شيء؟ فقال له رسول الله : نعم ، قال : وما هو ؟ قال : إني أُسري بي الليلة، قال : إلى أين ؟ قال : إلى بيت المقدس ، قال : ثم أصبحت بين ظهرانينا ؟ قال : نعم ، فلم يُرِهِ أنه يكذبه مخافةَ أن يجحدَه الحديثَ إذا دعا قومَه إليه . فقال : أرأيتَ إن دعوتُ قومَك أتحدّثهم بما حدثتني؟ فقال رسول الله : نعم ، قال : هَيَا معشرَ بني كعبِ بنِ لؤي هلمّ ؛ فانتفضَتْ إليه المجالسُ، وجاءوا حتى جلسوا إليهما ، قال : حدِّثْ قومَك بما حدثتني ! فقال رسول الله: إني أسري بي الليلة ! فقالوا : إلى أين ؟ قال : إلى بيت المقدس ، قالوا : ثم أصبحتَ بين ظهرانينا ؟ قال : نعم ! فمِن بين مصفّقٍ ، ومن بين واضعٍ يدَه على رأسه متعجّباً للكذب ...) .
ومن الأدلة التي أحتجُّ بها في تأكيد أن بعض تفاصيل قصة الإسراء والمعراج غابت عن الرواة مثل وصف صورة جهنم التي بدَت للنبي – صلى الله عليه وسلم – من ناحية الوادي، والموضع الذي رأى فيه النبي عِيرَ قريش، ولا يتردد راوي الحديث في القول إن النبي ذكر شيئاً غاب عنه "الراوي":
(... ثم انطلق بي حتى أتينا الوادي الذي بالمدينة ، فإذا جهنم تنكشف عن مثل الزرابي؛ قلنا : يا رسول الله ، كيف وجدتها ؟ قال : مثل - وذكر شيئاً غاب عني -، ثم مررنا بعير لقريش بمكان كذا وكذا قد أضلوا بعيراً لهم ، فسلّمتُ عليهم ...) .
كما أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم – قد تدرّج - في رأيي – في تقديم تفاصيل رحلته العجيبة إلى بيت المقدس ثم إلى السماء ، فقد واجهت هذه الرواية تكذيباً من بعض من آمنوا به ، ودفعهم ذلك للارتداد ، كما واجهت الرواية هجوماً حاداً من كفار قريش، ولم يكن إطلاق صفة الصِّدّيقيّة على أبي بكر لإيمانه بالتفاصيل عن هذه الحادثة العجيبة دون تردد إلا تأكيداً على صعوبة بسط التفاصيل أمام المؤمنين فضلاً عن المشركين ، ولذلك ركّز النبي – صلى الله عليه وسلم – في جداله مع المشركين في تأكيد حدوث الإسراء على قصة انتقاله من مكة إلى بيت المقدس والعودة منها في تلك السرعة ، ولم يجادلهم في مرويات ما حصل في السماء ، إذ إن ذلك يحتاج إلى قلوب مؤمنة منفتحة ، حتى إن آية الإسراء نفسها لم تتحدث عن قصة عروجه إلى السماء :
( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى المسجد الأقصى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ) الإسراء الآية 1 .
وتأسَّسَ الجدال مع مشركي قريش على تقديم الأدلة الحِسّيّة على حدوث ما ذكره من قَبيل الوصف التفصيليّ لمسجد بيت المقدس لتأكيد وصوله إليه ودخوله في رحبته ، ومروره بالقافلة المكّيّة لتأكيد حدوث عودته .
من أجل ذلك أرجّح أنّ تفاصيل قصة الإسراء والمعراج تخيّر لها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الأوقات المناسبة التي تحقق المصلحة الشرعية في تثبيت الإيمان لا زعزعته ، مما يعني أنه تدرّج في إخبارها، وانتقى لها نخبةً من أصحابه الراسخين في الإيمان أول الأمر، ممن تحتمل قلوبهم المؤمنة، وعقولهم المنفتحة، استيعاب تفاصيل هذه المعجزة الإلهية.
ودون أن أخوض في مرويات الإسراء والمعراج وتحليلها أكثر – إذ ذاك مما يغري الباحث ويدفعه للاستطراد - فسأكتفي هنا بإجمال إشارات المكان فيما يختص ببيت المقدس ، دون إيراد غيبيّات المكان فيما ورد ببعض النصوص بغضّ النظر عن الحكم على درجتها ما لم تبلغ حد الوضع والكذب مما نصّ عليه علماء الحديث ومحقّقوه ، ومن تلك الغيبيات مثلاً كون جهنم في ناحية الحائط الشرقيّ من المسجد الأقصى ؛ فقد وصفت النصوص القرآنيّة والحديثية المكانَ الذي أسري إليه النبيّ بأنه مسجد وأنه قصيّ بعيد، بل هو الأقصى؛ وأنّ منتهى الإسراء هو بيت المقدس ؛ وأنّ مبتدأ العروج هو بيت المقدس ، وأن خط سير العودة كان يمرّ بطريق القوافل القادمة من الشام تجاه مكة بدليل حكايته عن القافلة القرشية التي نفر أحد جِمالِها الذي يحمل غِرارتي طعام لمّا مرّ النبي - وهو على البراق - بها، فصُرِع ذلك البعير، وانكسر.
أما في رحلة النزول من السماء فقد قال ابن كثير جامعاً بين روايات الأحاديث: والصحيحُ أنه إنما اجتمع بهم في السموات، ثم نزل إلى بيت المقدس ثانياً - وهم معه - وصلى بهم فيه، ثم ركب البراق، ورجع إلى مكة .
وورد في سؤال القرشيّ الكافر للنبيّ امتحاناً لصدقه أنه قال: ( أنا أعلمُ الناس ببيت المقدس ، وكيف بناؤه، وكيف هيئتُه، وكيف قربُه من الجبل، قال: فرُفِع لرسول الله بيت المقدس من مقعده ينظر اليه كنظر أحدنا إلى بيته، بناؤه كذا وكذا، وقربه من الجبل كذا وكذا، فقال: صدقتَ) .
فقد أوضح هذا الحديث أن موضع المسجد الأقصى قريب من الجبل، وأنه مبنيّ، وليس أرضاً فضاءً. والسؤال أيضاً يوضح أنّ تجار قريش كانوا يمرون ببيت المقدس أثناء رحلاتهم التجارية إلى الشام ، ويستفاد من بعض مرويات قصة الإسراء أن أبا بكر الصدّيق كان ممن جاء بيت المقدس وزار مسجدَها الأقصى، ولذلك صدق رسولَ الله عن علم ومعرفة وليس عن إيمان فقط : ... قال أبو بكر: يا نبيَّ الله أحدّثت هؤلاء أنك جئتَ بيت المقدس هذه الليلة؟ قال : نعم ! قال : يا نبي الله ! فصِفْهُ لي، فإني قد جِئْتُه ؟ ... فجعل رسولُ الله يصفه لأبي بكر؛ ويقول أبو بكر: صدقتَ أشهد أنك رسول الله ... . وفي رواية للطبري في تفسيره يظهر أن الذين يعرفون المسجد الأقصى وهيئته جماعة من قريش : ( ... فقالوا للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -: إنا قد جئنا بيت المقدس فَصِفْه لنا ؟ فلما قالوا ذلك، رفعه الله - تبارك وتعالى - ومثله بين عينيه، فجعل يقول: هو كذا، وفيه كذا، فقال بعضهم: وأبيكم إن أخطأ منه حرفاً ...) . ويرِد في بعض روايات الإسراء والمعراج مزيد تفصيل:
(ثم انطلق بي " أي جبريل" حتى دخلنا المدينة من بابها اليماني ، فأتى قِبلة المسجد، فربط فيه دابته، ودخلنا المسجد من بابٍ فيه تميل الشمس والقمر ، فصليت من المسجد حيث شاء الله ...)
وإذا حاولنا استثمار نصوص الفتح الإسلاميّ العمريّ لبيت المقدس الذي جرى عقب سنوات من هذا الحدث فإننا سنقف على بعض ملامح هذا المكان قبل أن يناله تغيير كبير في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان وابنه الوليد. أبواب المسجد الأقصى عشية ليلة الإسراء:
بات من الواضح أنه كان لبيت المقدس أبواب ، وهو ما ورد في الحديث الآنف الذكر عن وجود باب يمانيّ جنوبيّ دخل منه النبيّ – صلى الله عليه وسلم – إلى المسجد الأقصى :
عن إبراهيم بن أبي عبلة عن أبيه قال: قدِم عمرُ بن الخطاب بيت المقدس ، وعسكَرَ في طور زيتا ثم انحدر ، فدخل من باب النبيّ- صلى الله عليه وسلم - فلما استوى في المسجد نظر يميناً وشمالاً، ثم قال: هذا والذي لا إله إلا هو مسجد سليمان بن داود الذي أخبرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أسري به إليه، ثم أتى غربيّ المسجد ثم قال: اجعلْ مسجد المسلمين ههنا مصلى يصلون فيه . وهذا الخبر يحكي عن وجود بابٍ جرت تسميته لاحقاً بباب النبيّ لترجيح الناس آنذاك أنه الباب الذي دخل منه النبيّ – صلى الله عليه وسلم
– المسجد الأقصى ، ويتحدث الخبر أيضاً عن تأمّل بَصَريّ فاحص قام به الخليفة الفاتح عمر بن الخطاب استعرض فيه هيئة المكان الذي أحسب أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وصفه لهم ، وإن كنتُ أرى أن ثمة زيادات للإخباريين في نقل حقيقة رواية مشهد دخول الخليفة إلى المسجد الأقصى ، من قبيل استعراض الأماكن التي دخل عليها بموجب التصوير المكانيّ التوراتي لبعض الطوائف اليهودية التي ترى في مدينة بيت المقدس مكانها المقدّس، ولكن من الظاهر أن معالم كونه مسجداً ظاهراً كانت غير واضحة بدليل أمرِه بأن يتخذ مسجداً بمواصفات المسجد الإسلامي المعروفة بالمحراب، و جهة القبلة. وتتحدث روايات أخرى عن أبواب عدّة لم يكن النبيّ – صلى الله عليه وسلم – قد انشغل بعدّها ووصفها ، حتى بادره القرشيون باختباره عن صفة المكان وهيئته وأبوابه، فأعطاهم وصفاً تفصيلياً لها :
(... قالوا: يا محمد ! صِفْ لنا بيت المقدس ! قال: دخلتُه ليلاً ! وخرجتُ منه ليلاً ! فأتاه جبرئيل، فصوّره في جناحه، فجعل يقول : بابٌ منه كذا في موضع كذا، وبابٌ منه كذا في موضع كذا، وأبو بكر يقول: صدقتَ، صدقتَ )
(... وقمتُ في الحِجْر فجلَّى الله لي بيت المقدس ، فطفقت أخبرهم عن آياته، وأنا أنظر إليه، فقال بعضهم: كم للمسجد من بابٍ - ولم أكن عَدَدْتُ أبوابَه - فجعلت أنظر إليها، وأعدها باباً باباً ) .
ويحكي رسول الله – صلى الله عليه وسلم - قصة الإسراء لأم هانئ: (... وقمت في الحجر فخيل إليّ بيت المقدس فطففت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه فقال بعضهم: كم للمسجد من باب؟ - ولم أكن عددت أبوابه - فجعلت أنظر إليها وأعدها باباً باباً، وأُعْلمهم) .
وتحكي المصادر الإسلامية أن هرقل قيصر الروم سأل عن صحة ما ورد من أن رسول الإسلام أسري به إلى بيت المقدس وارتفع إلى السماء فذكر له أحد بطارقته ما يؤيد تلك الرواية ، وحكى ذلك البطريق عن أبواب عديدة للمسجد الأقصى ، وعن وجود أبنية وحجارة فيه:
أخرج أبو نعيم في الدلائل، من حديث محمد بن كعب القرظي، في شأن أبي سفيان مع هرقل، قال: وأبو سفيان يجهد أن يحقّر أمره ويصغّره عنده قال: حتى ذكرت ليلة أسري به فقلت: أيها الملك ألا أخبرك خبرا تعرف أنه قد كذب؟ قال: وما هو؟ قلت: يزعم أنه خرج من أرضنا أرض الحرم، فجاء هذا مسجد إيليا، ورجع إلينا في تلك الليلة قبل الصباح! قال: وبطريقُ إيلياء عن رأس قيصر. قال: فنظر قيصر قال: ما علمُك بها؟ قال: إني كنت لا أنام ليلة حتى أغلق أبواب المسجد، فلما كان تلك الليلة أغلقت الأبواب كلها غير باب واحد غلبني النوم فاستعنت عليه عُمّالي ومن يحضرني كلهم، فعالجته فغلبني، فلم نستطع أن نحركه كأنما نزاول به جبلاً، فدعوت إليه النجارين، فنظروا إليه فقالوا: إن هذا الباب سقط عليه البنيان، ولا نستطيع أن نحركه حتى نصبح، فننظر من أين أتى، فرجعت، وتركت البابين مفتوحين، فلما عَدَوت عليها فإذا المجر الذي من زاوية المسجد مثقوب، وإذا فيه أثر ربط الدابة، فقلت لأصحابي: ما حبس هذا الباب الليلة إلا على نبي، وقد صلى الليلة في مسجدنا .
وتصف روايات تاريخية أخرى أن الخليفة عمر بن الخطاب بدا في سلوكه العمليّ متيقناً من كونه المسجد المقصود في رحلة الإسراء والعروج، بدليل وجود محراب قديم سمته هذه الروايات محراب داود وفق التصوّر المتأثر بالتراث الإسرائيليّ، هذا التصور الذي خلط صورة الرواية التاريخية الواقعية بتدخلات الرواة المتأثرين بثقافة دينية مكانية أخرى:
عن أبى مريم مولى سلامة، قال: شهدتُ فتح إيلياء مع عمر ، فسار من الجابية فاصلاً حتى يقدم إيلياء، ثم مضى، حتى يدخل المسجد، ثم مضى نحو محراب داود ؛ ونحن معه، فدخله ثم قرأ سجدة داود ، فسجد وسجدنا معه .
وفي رواية أخرى عَنْ أَبِي مَرْيَمَ ، قَالَ : لَمَّا قَدِمَ عُمَر الشَّامَ ، أَتَى مِحْرَابَ دَاوُدَ ، فَصَلَّى فِيهِ ، فَقَرَأَ سُورَةَ ص ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى السَّجْدَةِ سَجَدَ .
وقد وردت التسمية بمحراب داود في مواضع كثيرة من الأخبار والأحاديث، باعتبار أن هذا المحراب هو المكان الذي ورد ذكره في قصة تحكيم سليمان وداود في النعاج التي نفشت في الحرث ؛ قال تعالى: " وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب، إذ دخلوا على داود ففزع منهم... " ، وهو أمر لا دليل عليه في النصوص الإسلامية، إذ إن هذا التأويل أخذه المفسرون والإخباريون من أهل الكتاب دون تحقيق وفحص .
وتذكر المصادر المسيحية ما يشبه هذه القصة من أن الخليفة عمر دخل البيت الأعظم الذي كان سليمان بن داود بناه فأمر أن يجعل مسجداً جامعاً يصلي فيه المسلمون . وغالب الظن أن مرادهم بالبيت الأعظم هو الأسوار التي تحيط بالمسجد الأقصى ، وبعض الأبنية القديمة داخله.
مخطط المسجد الأقصى يتطابق هندسياً مع مخطط الكعبة[عدل]
ويجب هنا الإشارة إلى اختيار موضع القبلة كان متطابقاً مع التصميم الهندسي للمسجد الأقصى الذي يعني كل ما هو داخل السور الحالي بأبنيته المسقوفة أو ساحاته المكشوفة ، فقد كان هذا التصميم يتجه صوب الكعبة فلذلك لا نجد انحرافاً ظاهراً في التوجه صوبها عندما تكون داخل المسجد بل يكون اتجاه القبلة متوازيا نسبياً مع أطوال المسجد ذي الشكل شبه المنحرف ، وهو ما كشفه الصديق الدكتور المهندس هيثم الرطروط الأستاذ بجامعة النجاح الوطنية بنابلس في دراسة خطيرة اعتمدت على أن أساس أسوار المسجد الأقصى بكل مرافقه ، موجودة منذ حكم "هيرود الكبير" للقدس والذي مات عام 4 ق.م، وهو ما كشفت عنه الحفريات التي قام بها " تشارلز وارين " عام 1867م ، والتي وصلت إلى عمق 24 متراً تحت سطح الأرض ، تحت رعاية هيئة تمويل التنقيب عن آثار فلسطين والتي تأسست عام 1865م، و هذا يعني أن المحور الأساسي للمسجد الأقصى الحالي يتجه للقبلة قبل فتح المسلمين لبيت المقدس بحوالي 650 عاماً، وهو ما يعطي دلالة واضحة على أن منطقة المسجد الأقصى موجهة للقبلة منذ القدم، وهو يصادق ما ورد في الحديث النبوي الذي أخبر بأن المسجد الأقصى هو ثاني مسجد وضع في الأرض ، وهو ما يعني توجه قبلته للمسجد الحرام أول مسجد وضع للناس في الأرض، وهو القبلة التي يتجه إليها المسلمون في صلاتهم.
وهذه الدراسة تؤكد بوضوح – وكما تيقّنها عمرُ بن الخطاب - أن اتجاه المحور الرئيسي للمسجد الأقصى والذي يشير إلى مكة المكرمة، تؤكد على أن هذا الموقع كان مسجداً، وقِبْلته مكة المكرمة منذ القدم قبل الفتح الإسلامي، لأن المسلمين عندما فتحوا بيت المقدس كانت أسوار ما يسمّى بالحرم القدسي موجودة ومبنية على القواعد التي أرساها هيرود الكبير قبل ميلاد المسيح، وهذه القواعد والأسس كانت تجديدا لما كان موجوداً بالفعل.
وتشير روايات تاريخية واهية إلى أن الذي دلّ عمر بن الخطاب على مسجد داود هو بِطْريقٌ نصرانيّ ، وقد ورد في نصوص أخرى استعانتُه بكعب الأحبار ذي المعرفة اليهودية ، أي أنه استعان بإرشادات نصرانية ويهودية للاستدلال على موضع المسجد ، وهو أمر أستبعدِه وأضعّفه:
... عن شداد بن أوس: لمّا فرغ عمر من كتاب الصلح بينه وبين أهل بيت المقدس قال لبطريقها: دُلّني على مسجد داود؛ قال: نعم، وخرج عمر مقلّداً بسيفه في أربعة آلاف من الصحابة الذين قدموا معه متقلدين بسيوفهم وطائفة ممن كان عليها ليس عليهم من السلاح إلا السيوف . ويمضي شداد في إظهار ما يمكن وصفُه بتضليل البطرك لموضع المسجد الأقصى حيث أدخل الفاروقَ عمرَ إلى كنيسة القيامة ، وقال إنها المسجد الأقصى ! فلما تأمّلها الخليفة اتهمه بالكذب . وقد يكون هذا البطرك قصد امتحان معرفة الخليفة عمر بالأوصاف العالقة في ذهنه من حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن صفة المسجد الأقصى الذي صلى فيه بالأنبياء.
رسول الله يصف المسجد الأقصى لعمر بن الخطاب[عدل]
ومن هنا فإنه يغلب على ظني أن عمر بن الخطاب كان ملمّاً بأوصاف المسجد الأقصى قبل حضوره إليه من خلال قربه الشديد من رسو
عند توصيف حالة مجتمع تاريخي قائم على مكان معين يجب أن نعطي وصفا لهذا المكان ، ثم نسرد الظروف التاريخيه والزمانيه لهذا المكان حتى نتمكن من وصف أدراك التفاعل بين الأنسان والمكان في ذلك الزمان وهو ما صوره القرأن " باركنا حوله " ودائرة التحديد هنا صعبة التحديد ووضع علامات فارقه على دروبها وحدودها ولكننا سنصف المكان من حيث المحيط وحوليته الممتده المباركة
– بحسب اصطلاح الفقهاء- حيث البقعة الجغرافية الضيقة التي نشأت حول المسجد الأقصى الذي هو مركز البركة والقدسية.
البلدة القديمة، القدس، فلسطين | ||
705 CE [بحاجة لمصدر] | ||
771 - 774 - 1035 - 1922 | ||
إسلامية، مملوكية، أموية | ||
5,000 [بحاجة لمصدر] | ||
4 | ||
37 متر (121 قدم) | ||
14 | ||
| ||
| ||
[rtl]تعديل[/rtl] |
أي أنّ هذا المكان قد استغنى عن هويّته التي تحمل ختم السيادة الرومانية والثقافة البيزنطية المسيحية - حتى إن اختلطت بثقافات المنطقة العربية - ، إذ إن هذه الثقافات رغم لسانها العربيّ إلا أنّها منتمية للسيادة الرومانيّة والمعتقدِ الرومانيّ الدينيّ، وقد تكُونُ عنصرَ تلوينٍ ثقافيّ أكثر بكثير من كونها عنصرَ تأثيرٍ حضاريٍّ، رغم أننا لا ننفي بعض مفاعيل التأثير الحضاريّ لها.(1)
ولا يمكننا أن نتجاهل عظم تأثير المكان الذي شهد ميلاد المسيحيّة عليها، كما لا يمكن تجاهل عظم تأثير المعتنِقين لهذه الديانة على هوية المكان وتفاعلهم العميق معه لإنتاج ثقافة مكانية ستكون مركز التأثير الثقافي في ذهنية الجمهور المعتقد بقداسة المكان وعقلهم الجماعي.
وبإنجاز الفتح العربي الإسلامي تعرض المكان إلى اهتزاز عنيف هدم فيه - بسرعة غير متوقعة – الهويّةَ السابقة، والتي انحسرت هويتها الدينية والثقافية إثر الهزيمة السياسية والعسكرية للسيادة الرومانية، وانسحبت هذه الهويةُ مهزومةً أمام ثقافة عربية إسلامية عملاقة متحمّسة وغنية، مدعومة بقوة سياسية وعسكرية ناجحة.
ورغم أن المعطيات التي لدينا عن هذا التحول شحيحة إلا أن قراءة المكان سياسياً عقب هذا الفتح توضح بجلاء استفراد الهوية الإسلامية الجديدة بثقافة هذا المكان وتمكّنها فيه والتفافها حوله وإحاطتها بتكوين ثقافي غنيّ وممتلئ أعطى المكان قداسته اللائقة به من منظور توحيديّ إيمانيّ فطريّ، ومنظور فقهيّ معرفيّ، ومنظور تاريخي يقرّب البيت الحرام في مكة إلى البيت المقدس في إيلياء، ويرسم له خطاً شديد الصلة بمعاهد الإيمان الأولى في مدارس الأنبياء المؤسسين ، دون أن يمسّ ذلك بالثقافة المسيحية ومقدّساتها سوى في إعطائها الاستقلالية عن التأثير السياسي القويّ للسلطة البيزنطية، ومنحها الفرصة للتكيّف مع الواقع العربيّ الإسلامي الجديد في المدينة .(2)
تصوير المكان[عدل]
وفي تصويرنا للمكان نعتمد على المنقول من القرأن والسنه والنصوص التاريخية التي تعكس الهوية الجديده مع المكان وبعض المرويات التاريخية وأيضا من خرائط المكان المدفون في الكتب القديمه في معظم الفنون المدون.
وأيضا رحله قديمه لحاج مسيحي من بلاد الغال الفرنسية سرد بعض التفاصيل عن المكان (3)
أشير في التصور الأسلامي في رحلة الإسراء والمعراج حين كرم الله هذا المكان الذي فتح أبواب السماء لرسول الإسلام بأن جعل الله قبلة المسلمين الأولى للصلاة هي بيت المقدس للمؤمنين الأوائل في توجيهم للصلاه ثم حول الله تعالى قبلته إلى البيت الأول في مكه المكرمة
وهناك يتعرّف النبي - صلى الله عليه وسلم – من نبيّ خبير ذي عزم على تجربة عملية في التعاطي مع بني إسرائيل، الذين صوّرهم القرآن بأنهم من أكثر الناس تكلفاً واعتسافاً، إذ حكت لنا مرويات السنة الصحيحة كيف كان موسى يخبر محمداً عن معالجاته الشديدة لقومه الإسرائيليين، وأن طريقته معهم كانت تنحو نحو ترغيبهم بتخفيف التكاليف الشرعية مع كثرة الهدايا والجوائز في مقابل الفعل القليل.
وهناك تنطبع القداسة بمفهومها الإسلاميّ وشكلها الدينيّ الجديد على المكان، وهي قداسة مرتبطة بالنص الشرعيّ، وبالفعل المباشر من رسول الإسلام نفسه الذي صلى ببيت لحم – كما سننقل لاحقاً - ، ثم يصلي في بيت المقدس ، و يجتمع بالأنبياء، ويشرع في وصف ألوانهم وأطوالهم وهيئاتهم، لكنه يحكي عنهم جميعاً أنه شاهدهم وهم يصلون في هذا المكان الذي حشد قداسة السماء ورسل الله الكبار.
وهناك يعطي النبي - صلى الله عليه وسلم - إشارته السياسية الأولى إلى أن الإسلام سيصل إلى هذا المكان الواقع تحت سيادة الرومان النصارى : ( رأيتُ ليلةَ أسري بي عموداً أبيضَ كأنه لؤلؤ تحمله الملائكة ، قلت : ما تحملون ؟ قالوا : نحمل عمود الإسلام ، أُمِرْنا أن نضعه بالشام) . (4)
المسجد الأقصى ومعجزة تجليته لمواجهة التحدّي المكانيّ[عدل]
وفي منحى ثالث وعندما عاد النبي إلى مكة بعد رحلته السماوية تلك، ندرك صعوبة التحدّي المكانيّ الذي نازل به كفارُ قريش روايةَ نبيّ الإسلام حول رحلته الخاطفة إلى المسجد الأقصى ، إذ إنّ النبيّ كان في رحلة إيمانيّة عميقة شغلته – في رأيي - عن صورة المكان، كما أنّ رحلتي الذهاب والإياب كانتا في الليل فلم تتبين صورة المكان كما لو كانت الحال في النهار تحت الشمس، وما معرفتُه الدقيقة بصورة الأنبياء إلا انعكاساً لاشتغال قلبه بالمعرفة الغيبيّة العظيمة في رحلة المعجزات الخارقة، ومع ذلك فإنه وَصَفَ لهم قدراً معقولاً مما يملأ العين من الأمور الظاهرة في صفة المكان:
وقد تحدث النبيّ – صلى الله عليه وسلم بوضوح عن أنه لم يشغل باله بعدّ أبواب المسجد الأقصى الذي أتاه ليلاً ، ومن أجل ذلك وصله العرفان الإلهي بتشخيص المسجد الأقصى أمامه :
(... وقمتُ في الحِجْر فجلَّى الله لي بيت المقدس ، فطفقت أخبرهم عن آياته، وأنا أنظر إليه، فقال بعضهم: كم للمسجد من بابٍ ؟ - ولم أكن عَدَدْتُ أبوابَه - فجعلت أنظر إليها، وأعدّها باباً باباً ) .
لكن المشركين الذين أغضبتهم قدرة النبي على تذكر المشاهد الكبيرة في صورة المكان اتجهوا صوب ما ظنوه توريطاً في التفاصيل الصغيرة التي لا تسترعي انتباه العابر السريع أو المنشغل بما هو أهمّ، أو المهموم بما هو أشغلُ ، واستجمع كفارُ قريش أنفسَهم لِمَا رأوه من صعوبة تصديق الناس لهذه الرواية العجيبة، حتى لو أن النبيّ – صلى الله عليه وسلم – لم يعجز عن الإجابة، لذلك ارتدّ بعض الذين لم يثبت الإيمان في قلوبهم ممن كان قد أسلم من قبل، ولم يصبر معه سوى نفر قليل كان منهم الصّدّيق أبو بكر، ولم تكن هذه الفرصة ليفوّتها كفارُ قريش، فكان التحدّي الكبير منهم هو المطالبة بوصف المكان ليتحققوا من صحة روايته إذ كان بعضهم ممن رأى الموضع، وعلم صورته، فقال كفار قريش: (وتستطيع أن تنعت لنا المسجد ؟ - وفي القوم من قد سافر إلى ذلك البلد، ورأى المسجدَ - قال رسول الله : فلما كذبتني قريش قمتُ في الحِجْر - وقريشٌ تسألني عن مسراي - فذهبت أنعت، فما زلت أنعت حتى سألتني عن أشياءَ من بيت المقدس لم أثبتها، فكربت كربة ما كربت مثله قط ) .
فكان الدعمُ الإلهيّ بأنْ رفع اللهُ لنبيه صورةَ المكان ليصف النبيُّ بدقةٍ متناهية تفاصيلَ الصورة ومشهد المكان: ( قال : فأثنيت على ربّي، وسألته أن يمثِّلَ لي بيت المقدس، فجلى الله لي بيت المقدس ، فرفعه الله لي أنظر إليه، حتى وضع دون دار عقيل، ما يسألوني عن شيءٍ إلا أنبأتُهم به ، فطفقت أخبرُهم عن آياتِه، وأنا أنظر إليه، فقال القوم : أمّا النعت فواللهِ لقد أصاب ) .
ونقلُ صورةِ المسجد الأقصى قد تكون نقلَ رؤيةٍ، أو أن الله قد خلق الإدراك للرسول حتى صار في التبيين له كأنه قريب منه كقرب هذه الدار، والكل جائز .
وكم أسفتُ عندما لم ينقل لنا الصحابة الكرام ما ذكره النبي الكريم عن صفة هذا المسجد الأقصى وهيئته -، رغم أنهم ذكروا كثيراً من الملاحظات النفسية التي حكاها رسولُ الله لهم كالاعتزال والحزن والكرب، وذلك يعود إلى أنّ هذه المناظرة في أكثر من موقفٍ كانت بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وحده في الغالب، وبين كبارات رجال قريش، لذلك حكى هذه المواقفَ ورواه لأصحابه رسولُ الله نفسه ، فهو من روى لهم هذه القصة بعد حينٍ، وكررها عليهم؛ وإن كان أكثر ما يشغل النبي – صلى الله عليه وسلم – هو الوقوف على موضع العبرة والعظة والمعرفة - وشاهِدُ ذلك الرأي هو ما استفدناه من تحليل هذه الرواية :
(وقعد رسول الله معتزلاً حزيناً ، فمر به عدوُّ الله أبو جهل ، فجاء، حتى جلس إليه، فقال له كالمستهزىء : هل كان من شيء؟ فقال له رسول الله : نعم ، قال : وما هو ؟ قال : إني أُسري بي الليلة، قال : إلى أين ؟ قال : إلى بيت المقدس ، قال : ثم أصبحت بين ظهرانينا ؟ قال : نعم ، فلم يُرِهِ أنه يكذبه مخافةَ أن يجحدَه الحديثَ إذا دعا قومَه إليه . فقال : أرأيتَ إن دعوتُ قومَك أتحدّثهم بما حدثتني؟ فقال رسول الله : نعم ، قال : هَيَا معشرَ بني كعبِ بنِ لؤي هلمّ ؛ فانتفضَتْ إليه المجالسُ، وجاءوا حتى جلسوا إليهما ، قال : حدِّثْ قومَك بما حدثتني ! فقال رسول الله: إني أسري بي الليلة ! فقالوا : إلى أين ؟ قال : إلى بيت المقدس ، قالوا : ثم أصبحتَ بين ظهرانينا ؟ قال : نعم ! فمِن بين مصفّقٍ ، ومن بين واضعٍ يدَه على رأسه متعجّباً للكذب ...) .
ومن الأدلة التي أحتجُّ بها في تأكيد أن بعض تفاصيل قصة الإسراء والمعراج غابت عن الرواة مثل وصف صورة جهنم التي بدَت للنبي – صلى الله عليه وسلم – من ناحية الوادي، والموضع الذي رأى فيه النبي عِيرَ قريش، ولا يتردد راوي الحديث في القول إن النبي ذكر شيئاً غاب عنه "الراوي":
(... ثم انطلق بي حتى أتينا الوادي الذي بالمدينة ، فإذا جهنم تنكشف عن مثل الزرابي؛ قلنا : يا رسول الله ، كيف وجدتها ؟ قال : مثل - وذكر شيئاً غاب عني -، ثم مررنا بعير لقريش بمكان كذا وكذا قد أضلوا بعيراً لهم ، فسلّمتُ عليهم ...) .
كما أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم – قد تدرّج - في رأيي – في تقديم تفاصيل رحلته العجيبة إلى بيت المقدس ثم إلى السماء ، فقد واجهت هذه الرواية تكذيباً من بعض من آمنوا به ، ودفعهم ذلك للارتداد ، كما واجهت الرواية هجوماً حاداً من كفار قريش، ولم يكن إطلاق صفة الصِّدّيقيّة على أبي بكر لإيمانه بالتفاصيل عن هذه الحادثة العجيبة دون تردد إلا تأكيداً على صعوبة بسط التفاصيل أمام المؤمنين فضلاً عن المشركين ، ولذلك ركّز النبي – صلى الله عليه وسلم – في جداله مع المشركين في تأكيد حدوث الإسراء على قصة انتقاله من مكة إلى بيت المقدس والعودة منها في تلك السرعة ، ولم يجادلهم في مرويات ما حصل في السماء ، إذ إن ذلك يحتاج إلى قلوب مؤمنة منفتحة ، حتى إن آية الإسراء نفسها لم تتحدث عن قصة عروجه إلى السماء :
( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى المسجد الأقصى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ) الإسراء الآية 1 .
وتأسَّسَ الجدال مع مشركي قريش على تقديم الأدلة الحِسّيّة على حدوث ما ذكره من قَبيل الوصف التفصيليّ لمسجد بيت المقدس لتأكيد وصوله إليه ودخوله في رحبته ، ومروره بالقافلة المكّيّة لتأكيد حدوث عودته .
من أجل ذلك أرجّح أنّ تفاصيل قصة الإسراء والمعراج تخيّر لها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الأوقات المناسبة التي تحقق المصلحة الشرعية في تثبيت الإيمان لا زعزعته ، مما يعني أنه تدرّج في إخبارها، وانتقى لها نخبةً من أصحابه الراسخين في الإيمان أول الأمر، ممن تحتمل قلوبهم المؤمنة، وعقولهم المنفتحة، استيعاب تفاصيل هذه المعجزة الإلهية.
هذه المقالة جزء من سلسلة: الإسلام |
العقائد في الإسلام[أظهر] |
أركان الإسلام[أظهر] |
مصادر التشريع الإسلامي[أظهر] |
شخصيات محورية[أظهر] |
الفرق[أظهر] |
التاريخ والجغرافيا[أظهر] |
أعياد ومُناسبات[أظهر] |
الإسلام في العالم[أظهر] |
انظر أيضًا[أظهر] |
أما في رحلة النزول من السماء فقد قال ابن كثير جامعاً بين روايات الأحاديث: والصحيحُ أنه إنما اجتمع بهم في السموات، ثم نزل إلى بيت المقدس ثانياً - وهم معه - وصلى بهم فيه، ثم ركب البراق، ورجع إلى مكة .
وورد في سؤال القرشيّ الكافر للنبيّ امتحاناً لصدقه أنه قال: ( أنا أعلمُ الناس ببيت المقدس ، وكيف بناؤه، وكيف هيئتُه، وكيف قربُه من الجبل، قال: فرُفِع لرسول الله بيت المقدس من مقعده ينظر اليه كنظر أحدنا إلى بيته، بناؤه كذا وكذا، وقربه من الجبل كذا وكذا، فقال: صدقتَ) .
فقد أوضح هذا الحديث أن موضع المسجد الأقصى قريب من الجبل، وأنه مبنيّ، وليس أرضاً فضاءً. والسؤال أيضاً يوضح أنّ تجار قريش كانوا يمرون ببيت المقدس أثناء رحلاتهم التجارية إلى الشام ، ويستفاد من بعض مرويات قصة الإسراء أن أبا بكر الصدّيق كان ممن جاء بيت المقدس وزار مسجدَها الأقصى، ولذلك صدق رسولَ الله عن علم ومعرفة وليس عن إيمان فقط : ... قال أبو بكر: يا نبيَّ الله أحدّثت هؤلاء أنك جئتَ بيت المقدس هذه الليلة؟ قال : نعم ! قال : يا نبي الله ! فصِفْهُ لي، فإني قد جِئْتُه ؟ ... فجعل رسولُ الله يصفه لأبي بكر؛ ويقول أبو بكر: صدقتَ أشهد أنك رسول الله ... . وفي رواية للطبري في تفسيره يظهر أن الذين يعرفون المسجد الأقصى وهيئته جماعة من قريش : ( ... فقالوا للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -: إنا قد جئنا بيت المقدس فَصِفْه لنا ؟ فلما قالوا ذلك، رفعه الله - تبارك وتعالى - ومثله بين عينيه، فجعل يقول: هو كذا، وفيه كذا، فقال بعضهم: وأبيكم إن أخطأ منه حرفاً ...) . ويرِد في بعض روايات الإسراء والمعراج مزيد تفصيل:
(ثم انطلق بي " أي جبريل" حتى دخلنا المدينة من بابها اليماني ، فأتى قِبلة المسجد، فربط فيه دابته، ودخلنا المسجد من بابٍ فيه تميل الشمس والقمر ، فصليت من المسجد حيث شاء الله ...)
وإذا حاولنا استثمار نصوص الفتح الإسلاميّ العمريّ لبيت المقدس الذي جرى عقب سنوات من هذا الحدث فإننا سنقف على بعض ملامح هذا المكان قبل أن يناله تغيير كبير في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان وابنه الوليد. أبواب المسجد الأقصى عشية ليلة الإسراء:
بات من الواضح أنه كان لبيت المقدس أبواب ، وهو ما ورد في الحديث الآنف الذكر عن وجود باب يمانيّ جنوبيّ دخل منه النبيّ – صلى الله عليه وسلم – إلى المسجد الأقصى :
عن إبراهيم بن أبي عبلة عن أبيه قال: قدِم عمرُ بن الخطاب بيت المقدس ، وعسكَرَ في طور زيتا ثم انحدر ، فدخل من باب النبيّ- صلى الله عليه وسلم - فلما استوى في المسجد نظر يميناً وشمالاً، ثم قال: هذا والذي لا إله إلا هو مسجد سليمان بن داود الذي أخبرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أسري به إليه، ثم أتى غربيّ المسجد ثم قال: اجعلْ مسجد المسلمين ههنا مصلى يصلون فيه . وهذا الخبر يحكي عن وجود بابٍ جرت تسميته لاحقاً بباب النبيّ لترجيح الناس آنذاك أنه الباب الذي دخل منه النبيّ – صلى الله عليه وسلم
– المسجد الأقصى ، ويتحدث الخبر أيضاً عن تأمّل بَصَريّ فاحص قام به الخليفة الفاتح عمر بن الخطاب استعرض فيه هيئة المكان الذي أحسب أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وصفه لهم ، وإن كنتُ أرى أن ثمة زيادات للإخباريين في نقل حقيقة رواية مشهد دخول الخليفة إلى المسجد الأقصى ، من قبيل استعراض الأماكن التي دخل عليها بموجب التصوير المكانيّ التوراتي لبعض الطوائف اليهودية التي ترى في مدينة بيت المقدس مكانها المقدّس، ولكن من الظاهر أن معالم كونه مسجداً ظاهراً كانت غير واضحة بدليل أمرِه بأن يتخذ مسجداً بمواصفات المسجد الإسلامي المعروفة بالمحراب، و جهة القبلة. وتتحدث روايات أخرى عن أبواب عدّة لم يكن النبيّ – صلى الله عليه وسلم – قد انشغل بعدّها ووصفها ، حتى بادره القرشيون باختباره عن صفة المكان وهيئته وأبوابه، فأعطاهم وصفاً تفصيلياً لها :
(... قالوا: يا محمد ! صِفْ لنا بيت المقدس ! قال: دخلتُه ليلاً ! وخرجتُ منه ليلاً ! فأتاه جبرئيل، فصوّره في جناحه، فجعل يقول : بابٌ منه كذا في موضع كذا، وبابٌ منه كذا في موضع كذا، وأبو بكر يقول: صدقتَ، صدقتَ )
(... وقمتُ في الحِجْر فجلَّى الله لي بيت المقدس ، فطفقت أخبرهم عن آياته، وأنا أنظر إليه، فقال بعضهم: كم للمسجد من بابٍ - ولم أكن عَدَدْتُ أبوابَه - فجعلت أنظر إليها، وأعدها باباً باباً ) .
ويحكي رسول الله – صلى الله عليه وسلم - قصة الإسراء لأم هانئ: (... وقمت في الحجر فخيل إليّ بيت المقدس فطففت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه فقال بعضهم: كم للمسجد من باب؟ - ولم أكن عددت أبوابه - فجعلت أنظر إليها وأعدها باباً باباً، وأُعْلمهم) .
وتحكي المصادر الإسلامية أن هرقل قيصر الروم سأل عن صحة ما ورد من أن رسول الإسلام أسري به إلى بيت المقدس وارتفع إلى السماء فذكر له أحد بطارقته ما يؤيد تلك الرواية ، وحكى ذلك البطريق عن أبواب عديدة للمسجد الأقصى ، وعن وجود أبنية وحجارة فيه:
أخرج أبو نعيم في الدلائل، من حديث محمد بن كعب القرظي، في شأن أبي سفيان مع هرقل، قال: وأبو سفيان يجهد أن يحقّر أمره ويصغّره عنده قال: حتى ذكرت ليلة أسري به فقلت: أيها الملك ألا أخبرك خبرا تعرف أنه قد كذب؟ قال: وما هو؟ قلت: يزعم أنه خرج من أرضنا أرض الحرم، فجاء هذا مسجد إيليا، ورجع إلينا في تلك الليلة قبل الصباح! قال: وبطريقُ إيلياء عن رأس قيصر. قال: فنظر قيصر قال: ما علمُك بها؟ قال: إني كنت لا أنام ليلة حتى أغلق أبواب المسجد، فلما كان تلك الليلة أغلقت الأبواب كلها غير باب واحد غلبني النوم فاستعنت عليه عُمّالي ومن يحضرني كلهم، فعالجته فغلبني، فلم نستطع أن نحركه كأنما نزاول به جبلاً، فدعوت إليه النجارين، فنظروا إليه فقالوا: إن هذا الباب سقط عليه البنيان، ولا نستطيع أن نحركه حتى نصبح، فننظر من أين أتى، فرجعت، وتركت البابين مفتوحين، فلما عَدَوت عليها فإذا المجر الذي من زاوية المسجد مثقوب، وإذا فيه أثر ربط الدابة، فقلت لأصحابي: ما حبس هذا الباب الليلة إلا على نبي، وقد صلى الليلة في مسجدنا .
وتصف روايات تاريخية أخرى أن الخليفة عمر بن الخطاب بدا في سلوكه العمليّ متيقناً من كونه المسجد المقصود في رحلة الإسراء والعروج، بدليل وجود محراب قديم سمته هذه الروايات محراب داود وفق التصوّر المتأثر بالتراث الإسرائيليّ، هذا التصور الذي خلط صورة الرواية التاريخية الواقعية بتدخلات الرواة المتأثرين بثقافة دينية مكانية أخرى:
عن أبى مريم مولى سلامة، قال: شهدتُ فتح إيلياء مع عمر ، فسار من الجابية فاصلاً حتى يقدم إيلياء، ثم مضى، حتى يدخل المسجد، ثم مضى نحو محراب داود ؛ ونحن معه، فدخله ثم قرأ سجدة داود ، فسجد وسجدنا معه .
وفي رواية أخرى عَنْ أَبِي مَرْيَمَ ، قَالَ : لَمَّا قَدِمَ عُمَر الشَّامَ ، أَتَى مِحْرَابَ دَاوُدَ ، فَصَلَّى فِيهِ ، فَقَرَأَ سُورَةَ ص ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى السَّجْدَةِ سَجَدَ .
وقد وردت التسمية بمحراب داود في مواضع كثيرة من الأخبار والأحاديث، باعتبار أن هذا المحراب هو المكان الذي ورد ذكره في قصة تحكيم سليمان وداود في النعاج التي نفشت في الحرث ؛ قال تعالى: " وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب، إذ دخلوا على داود ففزع منهم... " ، وهو أمر لا دليل عليه في النصوص الإسلامية، إذ إن هذا التأويل أخذه المفسرون والإخباريون من أهل الكتاب دون تحقيق وفحص .
وتذكر المصادر المسيحية ما يشبه هذه القصة من أن الخليفة عمر دخل البيت الأعظم الذي كان سليمان بن داود بناه فأمر أن يجعل مسجداً جامعاً يصلي فيه المسلمون . وغالب الظن أن مرادهم بالبيت الأعظم هو الأسوار التي تحيط بالمسجد الأقصى ، وبعض الأبنية القديمة داخله.
مخطط المسجد الأقصى يتطابق هندسياً مع مخطط الكعبة[عدل]
ويجب هنا الإشارة إلى اختيار موضع القبلة كان متطابقاً مع التصميم الهندسي للمسجد الأقصى الذي يعني كل ما هو داخل السور الحالي بأبنيته المسقوفة أو ساحاته المكشوفة ، فقد كان هذا التصميم يتجه صوب الكعبة فلذلك لا نجد انحرافاً ظاهراً في التوجه صوبها عندما تكون داخل المسجد بل يكون اتجاه القبلة متوازيا نسبياً مع أطوال المسجد ذي الشكل شبه المنحرف ، وهو ما كشفه الصديق الدكتور المهندس هيثم الرطروط الأستاذ بجامعة النجاح الوطنية بنابلس في دراسة خطيرة اعتمدت على أن أساس أسوار المسجد الأقصى بكل مرافقه ، موجودة منذ حكم "هيرود الكبير" للقدس والذي مات عام 4 ق.م، وهو ما كشفت عنه الحفريات التي قام بها " تشارلز وارين " عام 1867م ، والتي وصلت إلى عمق 24 متراً تحت سطح الأرض ، تحت رعاية هيئة تمويل التنقيب عن آثار فلسطين والتي تأسست عام 1865م، و هذا يعني أن المحور الأساسي للمسجد الأقصى الحالي يتجه للقبلة قبل فتح المسلمين لبيت المقدس بحوالي 650 عاماً، وهو ما يعطي دلالة واضحة على أن منطقة المسجد الأقصى موجهة للقبلة منذ القدم، وهو يصادق ما ورد في الحديث النبوي الذي أخبر بأن المسجد الأقصى هو ثاني مسجد وضع في الأرض ، وهو ما يعني توجه قبلته للمسجد الحرام أول مسجد وضع للناس في الأرض، وهو القبلة التي يتجه إليها المسلمون في صلاتهم.
وهذه الدراسة تؤكد بوضوح – وكما تيقّنها عمرُ بن الخطاب - أن اتجاه المحور الرئيسي للمسجد الأقصى والذي يشير إلى مكة المكرمة، تؤكد على أن هذا الموقع كان مسجداً، وقِبْلته مكة المكرمة منذ القدم قبل الفتح الإسلامي، لأن المسلمين عندما فتحوا بيت المقدس كانت أسوار ما يسمّى بالحرم القدسي موجودة ومبنية على القواعد التي أرساها هيرود الكبير قبل ميلاد المسيح، وهذه القواعد والأسس كانت تجديدا لما كان موجوداً بالفعل.
وتشير روايات تاريخية واهية إلى أن الذي دلّ عمر بن الخطاب على مسجد داود هو بِطْريقٌ نصرانيّ ، وقد ورد في نصوص أخرى استعانتُه بكعب الأحبار ذي المعرفة اليهودية ، أي أنه استعان بإرشادات نصرانية ويهودية للاستدلال على موضع المسجد ، وهو أمر أستبعدِه وأضعّفه:
... عن شداد بن أوس: لمّا فرغ عمر من كتاب الصلح بينه وبين أهل بيت المقدس قال لبطريقها: دُلّني على مسجد داود؛ قال: نعم، وخرج عمر مقلّداً بسيفه في أربعة آلاف من الصحابة الذين قدموا معه متقلدين بسيوفهم وطائفة ممن كان عليها ليس عليهم من السلاح إلا السيوف . ويمضي شداد في إظهار ما يمكن وصفُه بتضليل البطرك لموضع المسجد الأقصى حيث أدخل الفاروقَ عمرَ إلى كنيسة القيامة ، وقال إنها المسجد الأقصى ! فلما تأمّلها الخليفة اتهمه بالكذب . وقد يكون هذا البطرك قصد امتحان معرفة الخليفة عمر بالأوصاف العالقة في ذهنه من حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن صفة المسجد الأقصى الذي صلى فيه بالأنبياء.
رسول الله يصف المسجد الأقصى لعمر بن الخطاب[عدل]
ومن هنا فإنه يغلب على ظني أن عمر بن الخطاب كان ملمّاً بأوصاف المسجد الأقصى قبل حضوره إليه من خلال قربه الشديد من رسو
اميرة الورد- مشرفة مميزة
- مزاجي لهذا اليوم :
الجنسية :
ااوسمتي :
5
الابراج :
عدد المساهمات : 2652
نقاط التميز : 3655
تاريخ التسجيل : 26/09/2013
- مساهمة رقم 8
رد: رحله الى القدس
شكرااااااااااااااااااااا منووووووووووووووووووون على المعلومات الرائعه