الاستسلام أسهل الحلول في الخلافات الزوجية

علي الرغم من أن الحياة الزوجية تقوم علي العطاء والحب المتبادل إلا أن بعض الزوجات يتعرضن للعنف النفسي من قبل أزواجهن, بل تتعدد أشكال ودرجات هذا العنف بين الزوجين,
وأخف هذه الأشكال تقطيب الحاجبين وعدم الاستحسان لكلمة أو فعل من الزوج أو الزوجة تجاه الآخر, والمخالفة في الرأي حول أي موضوع, والتهكم والممازحةالثقيلة, والتأجيل والمماطلة لفعل ما تطلبه الزوجة( غالبا), وأيضا النسيان وعدم الانتباه لما يرضيها وغير ذلك من السلوكيات اليومية التي عادة ما يري الزوج أنه علي الزوجة تقبلها( في حين لا يتقبلها هو منها), وعندما يدرك الزوج أن هذه السلوكيات تثير غضبها ويتدارك الأمر فنادرا ما يتفهم ذلك, أو يعتبر ما حدث هو من قبيل المزاح والدعابة أو سوء الفهم, أو أنه يلجأ إلي الاعتذار- وهذا نادر جدا.. والدرجات الأعلي من العنف, أو بالأدق العنف المعنوي, تشمل الصمت وعدم النظر للشريك عند التحدث أو عدم الاهتمام.. وغير ذلك.
د.هبة عيسوي أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس توضح أن العنف المعنوي أو النفسي الذي تتعرض له نسبة كبيرة من الزوجات وربما يهدد حياتهن وحياة أبنائهن بالخطر وقد يتسبب في تدمير الحياة الأسرية, هو نوع من الأذي النفسي الذي قد تتعرض له الزوجة من زوجها أو الأخت من أخيها أو أحد أفراد أسرتها ويسبب لها إحساسا بالقهر والدونية ويجعلها تشعر بعدم الكفاءة مما يعرض صحتها النفسية للاضطراب ويكون منفذا لظهور الأمراض النفسية والاضطرابات السلوكية, ومن أمثلة هذا القهر تسخيف آراء الزوجة من جانب الزوج أمام الأصدقاء أو تعمد وصفها بعدم الفهم وقلة الخبرة, وكذلك وضع كثير من العراقيل أمامها في أعمال المنزل حتي يتخذ ذلك ذريعة لاتهامها بالتقصير وعدم النظام, وربما يتعمد الزوج التراشق بالألفاظ أمام العاملين بالمنزل واتهامه لزوجته بالإسراف أو التبذير, وتضيف إن هذا القهر الموجه للمرأة يمر بمراحل نفسية كثيرة تتمثل المرحلة الأولي في الحزن والألم مما يجعلها تتحامل علي نفسها وتذهب إليه للاعتذار وهي غير مقتنعة بذلك, وعندما تجلس أمام زوجها في هذه الحالة فإنه يجدها فرصة ليبدأ بالتأنيب والتجريح فتعتذر للمرة الثانية إلي أن يصفح عنها, وهنا يتوقع الزوج أن المشكلة تم حلها وانتهت عند هذا الحد, ولكن هذا غير صحيح لأن تكرار ذلك المشهد في العلاقة الزوجية يولد نوعا من الضغينة- وليس الكراهية- من جانب الزوجة فتبدأ في تجنب إثارته أو حتي الاختلاف معه, وهنا يبرز الإحساس بعدم الرضا لدي المرأة عن حياتها بصفة عامة لأنها تصنع من نفسها كائنا هلاميا ليس له لون ولا طعم ولا رائحة, فهي غير راضية عن تصرفاتها مع الزوج ولكنها تلتمس كثيرا من الأعذار, وهي محقة في ذلك لأن قهر الزوج يولد نوعا من الشراسة لدي الأطفال, وتزخر العيادات النفسية بحالات الأمراض السيكوساماتية ومنها القولون العصبي والصداع النصفي وارتفاع ضغط الدم والقئ المستمر والأوجاع التي تشكو منها بجسمها دون أي أساس طبي وهنا يكون الجسم هو الذي يعبر عن الألم وليس اللسان, فهي لا تتكلم وتشتكي وإنما تستسلم للأعراض العضوية التي بها أصل نفسي, وقد تظهر أيضا في أعراض القلق خاصة الهلع والخوف مع سرعة ضربات القلب والعرق الشديد وبرودة الجسم, ويستمر ذلك لدقائق أو قد تصل إلي20 دقيقة ولكن غالبا ما تختفي الحالة بعد وقت قصر دون الحاجة للعلاج بالمستشفي. وتشير إلي أن من الحالات النفسية التي تذهب إلي مدي أبعد لدي بعض النساء اللاتي يتعرضن للعنف النفسي من الزوج هو التعامل مع الأبناء بشكل عنيف, علي سبيل المثال إهمالهم أو عدم استيفاء طلباتهم أو حتي عدم تحملهم أو ضربهم بقسوة غير معهودة, وقد لا تدرك الزوجة أن ذلك يحدث كنوع من الإحلال النفسي الذي قد يساعدها علي تخفيف هذا القهر ولكن بشكل غير صحيح, وتقول للمرأة: علاج حالات العنف المعنوي تتلخص في عدة خطوات تبدأ بالنقاش مع نفسك أولا, واسألي نفسك: لماذا تعرضت لهذا العنف لأنك قد تكونين بالفعل مخطئة, ثم تفاهمي مع زوجك بصوت منخفض وفي وقت مناسب وهادئ بأن هذا الأسلوب يؤذيك ويجعلك متألمة منه, ولا تستسلمي لإحساس الخضوع لأن ذلك لن يريحك نفسيا وإنما قد تصلين إلي المرض النفسي وزيدي من ثقتك بنفسك فاهتمي بعملك داخل البيت إذا كنت لا تعملين أو خارج البيت في حالة العمل, لأن ذلك ينافي إحساسك بالدونية والعدم, وأخيرا فإن علاج العنف يكون بالود والاهتمام من جانب الزوجة إلي الزوج دون استسلام.